عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2011, 04:01 PM   #3
حويراتي ذهبي
 
الصورة الرمزية امير الشوق

الدولة :  بــــاريـــس
هواياتي :  اخآف ابوح بــ هوايآتي ويخون البوح منطوقي..!
امير الشوق غير متواجد حالياً
افتراضي

ظهر الارتياح على وجه محمد ....... وتهللت نفسه وابتهجت أساريره بعد مقولتي هذه ......
أستاذ ..... أنا استاهل......أعادها.....أنا استاهل ... قالها .. وقد تشابكت الدموع بالدموع ... قالها.... وقد أنهكه البكاء والتعب ...... حاول أن يكمل فلم يستطع .......
ربّتُّ على كتفه ... محاولة مني في تهدئته ... أريده أن يكمل .... فالشوق والحزن قد بلغ مني مبلغه ....
استطرد محمد وهو لا يفارق نظرته الأرض : ..... أنا استاهل ياأستاذ .....
نعم استاهل .. فلقد أسأت لسمعة أسرتي ...... أسأت لأبي ... أسأت لأمي ... حلمهم الذي كانوا ينتظرونه مني .. قد تبدد .. قد تحطّم ..
لا أنسى ياأستاذ عندما كنتُ صغيرا ........ كان أبي يطمح ويقول لي ... محمد حترفع رأسنا ... حتخرجنا من الهم اللي نحن فيه ...
وأمي كذلك كانت تقول لي ... وكلها أحلام .....وكلها آمال في ابنها الكبير ... (ولدي إن شاء الله ستصبح طبيباً .... أو طيارا ... ستحلق بي في حلم طالما انتظرته .... ) نعم كانت هذه أمنياتهم.
سكت محمد قليلاً وهو يلمح إلى الأفق ... وكأنه يريد أن يستعيد شيئاً مما فاته ...
نعم يا أستاذ ... كان والداي ينتظرون مني ذلك ....... ولكن ......... انتهى كل شيء .......نعم لقد انتهى كل شيء.... تهاوت أحلامهم في بحر ضياعي ومحيط فسادي.....
وهاأنا الآن كما تراني ..... لم أجلب لهم إلا العار والفضيحة ...
مسح الفتى بعضاً من دموعه .. التي انحدرت هنا وهناك....
تعجبت من كلام هذا الفتى ... وتحيرت من تلك الكلمات التي خرجت منه ... كيف لفتىً وبهذا العمر .. ينطق بمثل تلك العبارات وتلك الجمل ..التي لا يقولها إلا من هم في أضعاف عمره... ولكني تيقنتُ أنّ عبارات جمله ... وقوة تعبيره ... ماخرجت إلا بعد معاناة طويلة مع مأساته.
أكمل يامحمد ..
قلتها عندما أحسست أنه يريد أن أقول له ذلك ..
أكمل ... (((((ولتعلم يامحمد أنك قد شققت جرحا في قلبي ... صعبٌ على أحدٍ علاجه))))) قلتها محادثاً نفسي..
استكمل محمد قصته المؤلمة.....
أصدقاء السوء هم من كانوا سبباً في ذلك يا أستاذ.... التحقت بالمرحلة المتوسطة ..... ولم يكن بين مرحلتي هذه والتي قبلها فرق.... فالكل يصفق لي ... والكل ينظر أني قدوة لبقية زملائي .... يالها من أيام ....... وياليتها تعود... استمريت ياأستاذ أبو مشاري على هذا النجاح وهذا التفوق .... أبي يأتي إلى مدرستي مرفوع رأسه ...يتحين الفرصة تلو الفرصة لأنه لا يسمع من معلميّ إلا عبارات الثناء والمديح ........ حتى حصل لي ما لم أكن أتوقعه أنا أو أحد من أهلي......
لمحت إلى محمد وقد قبض على كفيه الصغيرين ...... وبدأت يداه في الارتعاش ..... وكأنه يريد أن يفجّر بركاناً ثائراً قد أخمده مرارة الحسرة والألم على فقد ذلك التاريخ المجيد.....
استطرد محمد وهو يقول .... : لقد التفّ حولي رفقة سوء ... غيّروا مجريات حياتي ..... دمروا كل شيء فيّ .... دراستي ...... أخلاقي ......... ديني ...... لم أسلم من تلك الذئاب حتى في عرضي......
أستاذ بدأت معهم رحلة الحسرة والضياع بحبة سيجارة ..... ثم الأخرى .......ظننتُ الرجولة تكمن في ذلك ..... ثم تطور الأمر فتتبعت خطوات الشيطان خطوة خطوة ... فانحدرت إلى الحشيش ........ ثم إلى المسكر........ ثم طردت من البيت لأن شياطين الإنس ياأستاذ وتلك الخبائث...........قد اجتمعوا وقادوني بالتحرش بإخوتي الصغار جنسياً أكثر من مرة.........
صمت محمد فجأة وقد خيّم علينا لحظة من الصمت والهدوء ...... لم أتمالك نفسي ....... ولم تسعفني عباراتي ....... آثرت السكوت على الحديث ...
بم أجيب ؟؟؟؟
وبم أتحدث ؟؟
هنا تقف كلماتي عاجزة عن الحديث والإكمال .....
بدأت الشمس تعلن عن نهاية هذا اليوم ..... وأنا مذهول بما أسمعه وبما أراه !!!
أخي محمد .... أهذا كل شيء؟؟
قلتها .... وقد حبستُ من عينيّ دموعي .... ومن فمي أنّاتي...

قال محمد وكأنّه يعلن لي استسلامه ......... ليس بعد ياأستاذ ....
فطردي من البيت ومكوثي في الشارع ........ جعلني أتجرع كأساً آخراً من كؤوس الضلال والضياع ......
أستاذ أبو مشاري .... حاولت أن أرجع إلى البيت ... توسلت إلى أبي ..... إلى أمي ....... ولكنهم قد تبرأوا مني ....... كأنهم لايعرفونني ....... أظلمت الدنيا في عيني بعد ذلك .. أحسست باليتم .... لم أطق العيش في دنياي هذه ....
حاولت أن أجد ملجأ لي يحتويني .... لكي يقيني من رمضاء النهار ....... وسكون الليل ....
فلم أجد يا أستاذ إلا .......... بيت الضياع ........ ومسكن الذئاب ..... ومرتع الخراب ....
نعم لقد أخبرني ذلك الذئب الذي اعتبرته صديقاً لي .. الذي لم يراعي شعوري ....... ولم يرحم صباي وضعفي... بأن هناك بيت ...... سوف أجد فيه ما يسعدني ويأويني .... فصدقته ........ وطاوعته ..... على مضض ..... وعلى كره ....... فيدي مكسورة ... وقد أمسك بها ذلك الوغد ......
دخلت في ذلك الدار رأيت شبابها يكبروني عمرا ............. كانوا أشرارا .. أصحاب فساد ...... شرر عيونهم توحي بذلك ..... ونظراتهم لي تظهر نياتهم .... وحديثهم معي ... يبين ما يخبئونه في نفوسهم المجرمة ... التي لاترحم ضعيفا ولا شريدا ...
تخيل يا أستاذ .... كنت أصغرهم .... كحمامة وديعة وقعت فريسة بين مخالب السباع ...... أتيت ........ لأحتمي في ذلك الدار .... وليتني لم أفعل ...... حتى عرضي لم يسلم من شررهم ......
علمت كذلك أن ذلك السكن ما هو إلا مرتع تجارة للمخدرات .... وأن أصغر من يسكن فيها يتجاوز عمره العشرون عاماً ........ جعلوني سلعة بين أيديهم ........ متى ما وضعوني في مكان ..... لا أستطيع رفضه ....... حتى أجبروني على الإدمان ........ لا أنسى ... والله لا أنسى ما حييت .... عندما أمسكوا بي بالقوة ووخزوا إبرة الضياع في جلدي الرقيق .... ثم ضاع شرفي وعرضي هناك ..... متّ قبل أن يموت المرء ... قٌتلت من غير سكين .... وموت بطيء
عند ذلك ......أدمنت المخدر ...
لم أحتمل البقاء معهم يا أستاذ .... فهربت من بين فكيّهم .... وصرتُ شريداً ..... هارباً ...... ضائعاً .... فلقيتني أنت ....... في هذا المكان ... كما هو حالي الآن ..... كما تراني ...... أنام في الشارع ..... غطائي السماء ....... ولحافي الأرض .... وبيتي هنا ... نعم هنا
هذه هي قصة من اعتبرته أنت أخٌ لك يا أستاذ أبو مشاري ....
تبعثرت حروفي ........
ذرفت دموعي ........
لم أتمالك نفسي ........
تنهدتُ تنهدا عميقا...
سكت محمد .....
نعم سكت ذلك الصبي ..... ووجهه يحكي مأساته ....

سكت محمد ......
وكأنه يعلم أني لا أستطيع فعل أي شيء تجاهه ..

سكت ذلك الغلام .......
وكأنه أخرج شيئاً قليلا ... مما يحسّ به ...... جبال من المآسي والهموم ..... لم تقع منها إلا حصى صغيرة .......

نظرتُ إليه ....
أردت أن أحدثه .......
فكرت ..... لم أستطع إخفاء دموعي .......
اقتربت منه ..... استجمعت عزيمتي ..... حادثته .... وعظته .... نصحته ......
ثمّ ودعته ........... نعم ودعته ....... ودعتُ شخصية محمد ...... ودعته ورحلت عنه ...وكأنه يقول لي
حسبي حسبي إلى متى تطردني ***أعدائي دائي وكلهم يقصدني
.......... توجهت من حيث أتيت ...... خرجت من ذلك الحي ........ وخلّفت وراءي الهم والحزن ..... والضيق والتعاسة ...... ومحمد وقصته ...........


الله أكبر ... الله أكبر ..... أشهد أن لا إله إلا الله ......
يالله لقد انقضى ذلك اليوم ........ ولقد انقضت معه .... قصة بقيت خالدة في ذهني حتى لحظتي هذه .....
مضيت في طريق عودتي .........


وأنا أردد وأقول

(( ليتني لم أرد على جوالي ))
من مواضيعي

0 مشرفنــا Dam-AlTaff بحاجة مآسة لدعواتكم ..
0 ورود اغرسها بداخلك لتصبح سعيدا ^_^
0 كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية (الانكليزية )
0 استغفر ربك عند دخولك وخروجك من المنتدى ..
0 رائعة باسم الكربلائي ( تزوروني ) أعاهدكم


التوقيع :

.........

ربي الهمني يقيناً يجعلني اؤمن: بان كل ما أحلم به / سيأتي يوماً ويتحقق ..!
.
.
.
وماتوفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب ..
  رد مع اقتباس