اللهم صل على محمدا وال محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم
س :هل ان اخلاق وطبيعة الأفراد قابلة للتغيير في ظل التربية ام لا ؟
ان هذا السؤال يحدد مصير على الأخلاق ، لأننا لو قلنا :
ان اخلاق الأفراد تتبع وضع بنيتهم الروحيّة والجسميّة , لكان علم الأخلاق تافها, اما لو اعتقدنا بأمكانية التغيير , فأن شرف واهمية هذا العلم ستتضح بصورة جيدة.
وقد ايد بعض العلماء , الأحتمال الأول واعتقدوا بأن الأشرار والفاسدين كالأشجار التي تعطي ثمارا مُرّة (مثلا) لاتتغير طبيعتها بعناية ورعاية الفلاّح , وهؤلاء ايضا لاتتغير جبلتهم بالتربية , وان تغيرت فهو تغيّر سطحي وعرضي سرعان مايزول ويعودون لحالتهم السابقة.
انهم يقولون: ان البنية الجسميّة والروحيّة لها اتصال وثيق بالأخلاق , بل الواقع ان اخلاق أي فرد تتبّع تركيبته الروحيّة والجسمية ,لذا فهو غير قابل للتغيير , ويستدلون على قولهم هذا بأحاديث مثل
(الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة).
وبأزاء هذا الأعتقاد ,هناك عقيدة اكثر العلماء الذين يعتقدون
بأمكانية تغيير أخلاق وجبلة الأفراد عن طريق التربية بصورة تامّة , والتجارب الكثيرة التي أجريت على الأفراد الفاسدين خُلقيا تُثبت هذه الحقيقة ايضا ,اذ ان المحيط السالم والمعاشرة الصالحة والتربية الساميّة, قد اصلحت الكثير من الأشرار اصلاحا كاملا , وعلاوة على هذا ,
فلو لم يكم الأمر كذلك لبطلت جميع التعاليم السماويّة الصادرة على لسان الأنبياء وأئمة الدين , لأنها جميعا جاءت من أجل تربية النفوس البشريّة ولبطلت ايضا جميع الأحكام التأدبيّة المتعارفة لدى جميع الأمم في العالم ,بينما نرى ان الحيوانات الوحشية الجارحه تُروض عن طريق تربيتها , ويُسلك بها على خلاف طباعها وفطرتها الأساسيّة ,
فكيف يمكن التصديق بأن الأخلاق السيئة لدى بني آدم هي أعمق جذرا من الطباع الوحشيّة للحيوانات المفترسة؟!
وليس هناك طريقة لأثبات هذا الأدعاء افضل من متابعة ودراسة اسلوب نشوء ملكة أخلاقيّة, لكي نفهم اسلوب ازالتها بنفس الطريقة التي كانت سببا في نشوئها.
كلنا نعلم ان أي عمل حسِن او قبيح له أثر خاص في روح الأنسان وجذبها اليه, وتكرار هذا العمل يعمّق ذلك الأثر الى ان يصل شيئا فشيئا الي حالة تسمى ب((العادة)) وان تكرّر اكثر استحكم الأثر فصار ((ملكة)) وعليه تزيد رغبة الانسان الداخلية بممارسة ذلك العمل كلما تأصلت جذور تلك العادات والملكات ,وهذه الحقيقة قد اثبتتها التجربه بصورة جيدة,
وعليه فكما ان العادات والملكات الاخلاقية توجد عن طريق التكرار ,فانها قابلة ايضا للأضمحلال بالطريقة نفسها اي العلم في البداية ثم تكراره حتى تحقيق الصّفة والملكة الأخلاقيّة.
وطبيعي فان الايحاء والتفكر والتعليمات الصحيحة والمحيط السالم , الذي له أثر ايجابي ايضا ,تؤثر جميعا بصورة عميقة في تهيئة الأرضيّة الروحيّة المناسبة لقبول الأخلاق الحسنة والتحلّي بها .
المصدر:الحياة في ظل الأخلاق
نسألكم الدعاء
فاطمة